مستفيداً من تراجع اسعار النفط عالمياً، قرّر المصرف المركزي ان يضرب ضربته بالسير قدماً برفع الدعم تدريجياً عن استيراد البنزين، مادة المحروقات الوحيدة التي لا تزال مدعومة. وفيما ترجّح مصادر متابعة ان ينتهي الدعم كلياً عن البنزين خلال اسابيع، يبقى انّ الجواب النهائي برسم حاكم المركزي وحده.
بدأ المصرف المركزي بخفض الدعم عن البنزين اعتباراً من 5 آب الجاري، حيث انتقل من الدعم الكلي للبنزين إلى معادلة تأمين 85% من الكلفة عبر منصة صيرفة و15% من السوق الموازي اعتباراً من مطلع الشهر الجاري، ثم اتبع معادلة توفير 70 % من قيمة الاستيراد عبر منصة صيرفة و30% من السوق الموازي، إلى ان اعتمد امس معادلة جديدة قضت بتعديل نسبة الدولار المدعوم والمؤمّن من قبله وفقاً لمنصة صيرفة من 70% إلى 55% وارتفاع نسبة الدولار غير المدعوم المؤمّن من السوق الموازي من 30 إلى 45%.
بناءً عليه، يتضح أنّه في اقل من شهر تراجع الدعم عن البنزين إلى النصف تقريباً، بمعدل خفض جديد كل حوالى 10 ايام، ما دفع بمصادر متابعة لملف المحروقات إلى التأكيد لـ»الجمهورية»، انّ هذه الوتيرة ستستمر بخفض اضافي تدريجي للدعم عبر منصّة صيرفة، وصولاً إلى رفعه كلياً خلال الاسابيع المقبلة، قد يكون نهاية ايلول المقبل، ليصبح بعدها سعر صفيحة البنزين مدولراً كلياً، اي يُسعّر وفق دولار السوق السوداء فقط لا غير.
وبالعودة الى آلية التسعيرة الجديدة، فقد سجّل دولار منصة صيرفة ارتفاعاً بقيمة 200 ليرة من 26700 الى 26900 ليرة، وسعر صرف الدولار في السوق الموازية والمتوجب على الشركات المستوردة والمحطات تأمينه نقداً من 33150 إلى 33950 ليرة. كل هذه العوامل ادّت إلى ارتفاع سعر صفيحة البنزين امس 16 الفاً لتصبح 591 الفاً لنوعية 95 اوكتان و 604 آلاف لنوعية 98 اوكتان. كذلك ادّى ارتفاع الدولار في السوق الموازي إلى ارتفاع صفيحة المازوت 7000 ليرة لتصبح 697000 ليرة، نتيجة المعادلة بين عدم تغيير ثمن الكيلوليتر المستورد في الجدول مقابل ارتفاع سعر صرف الدولار وفقاً للسوق الموازية 800 ليرة ايضاً، كما ارتفع سعر قارورة الغاز 7000 ليرة لتصبح 335000 ليرة.
هل من أزمة محروقات؟
إلى ذلك شهدت البلاد خلال عطلة نهاية الاسبوع عودة للطوابير امام المحطات، ولوحظ انّ بعض محطات المحروقات لم تبع المحروقات امس وسدّت مداخل المحطة بالشرائط، فهل من تفسير لهذه الاجراءات؟ وهل من أزمة محروقات مرتقبة؟
في السياق، اكّد عضو نقابة اصحاب محطات المحروقات جورج البراكس لـ»الجمهورية»، ان لا أزمة محروقات، وانّ غالبية الشركات المستوردة للنفط باشرت التسليم ما ان صدرت آلية التسعير الجديدة، عازياً اقفال بعض المحطات إلى نفاد مادة المحروقات لديها، لا سيما خلال عطلة نهاية الاسبوع، على ان تفتح كل الشركات المستوردة للنفط اعتباراً من اليوم.
وعن الآلية الجديدة، يقول البراكس: «بات واضحاً انّ المصرف المركزي ماضٍ في سياسة رفع الدعم كلياً عن المحروقات، وهو لا يبلغنا بمواقيت تغيير المعادلة المعتمدة في الدعم مسبقاً، وبالتالي لا يمكن التقدير متى يتمّ إلغاء الدعم نهائياً عن البنزين».
ورداً على سؤال عن السعر الذي يمكن ان تصل اليه صفيحة البنزين متى رُفع الدعم كلياً عنها، اوضح البراكس انّ هناك عوامل عدة تدخل في التسعير. مؤكّداً انّ الفارق لن يتجاوز 65 الفاً في حال بقي سعر الصرف في السوق الموازي كما هو اليوم، كذلك السعر العالمي للنفط. اي بمعنى آخر، لو رفع المركزي اليوم الدعم عن البنزين لكان زاد سعر الصفيحة 65 الفاً. لكن السؤال، هل سيظل سعر الدولار في السوق الموازي كما هو عليه اليوم متى رُفع الدعم كلياً عن المحروقات؟ وكم سيكون سعر برميل النفط عالمياً؟ هذان العاملان يحدّدان وحدهما سعر صفيحة البنزين من دون دعم.
مشهدية الطوابير
وكانت غالبية المناطق شهدت اعتباراً من مساء الاحد عودة لمشهدية الطوابير والزحمة امام المحطات، ما لبثت ان اضمحلت ظهر امس، بعد الاعلان عن آلية التسعير الجديدة وعودة الشركات المستوردة للنفط لتوزيع المحروقات.
وفي السياق، شهدت مدينة النبطية امس زحمة سيارات أمام محطات المحروقات رغم ارتفاع أسعار البنزين وتوقف السيارات في الطوابير في انتظار دورها لملء خزاناتها بمادة البنزين، فيما رفعت محطات أخرى خراطيمها بحجة عدم استلامها مادة البنزين من الشركات المستوردة. وشكا المواطنون من الانتظار الطويل على المحطات، ومن هذه الأزمة التي باتت شبه أسبوعية. مطالبين وزارة الطاقة بحل الأزمة جذرياً لعدم تكرار المأساة التي تجعلهم يقبعون في السيارات طويلاً.
كذلك سجّل قضاء بنت جبيل، منذ الصباح الباكر امس زحمة سيارات أمام محطات الوقود.
وقد أقفلت محطات أبوابها بحجة نفاد المخزون وعدم وصول المحروقات اليها، فيما بقي أصحاب السيارات ينتظرون من دون التأكّد إذا ما كانت ستفتح ابوابها.